شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والسيد/ فريد بلحاج، نائب الرئيس الإقليمي لمجموعة البنك الدولي لشئون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فعاليات مؤتمر إطلاق الاستراتيجية القٌطرية الجديدة بين مصر ومجموعة البنك الدولي للفترة من 2023-2027، وذلك بحضور عدد من الوزراء، ومسئولي الجهات والهيئات المعنية، وكذا ممثلي ومسئولي مجموعة البنك الدولي.
وألقى رئيس الوزراء كلمة خلال المؤتمر، استهلها بالترحيب بجميع الحضور، موجهاً التحية لمختلف الأطراف ذات الصلة بالعمل الإنمائي، والتعاون الدولي، التي تسعى مع مصر كشركاء جادين وفاعلين لتقديمها كنموذج تنموي رائد يضع سكان هذا الوطن العظيم – بجميع أطيافه بما في ذلك المهاجرين، واللاجئين، وطالبي اللجوء – في محل الاهتمام بكافة ما تقوم به من برامج ومشروعات إنمائية.
وأكد رئيس الوزراء متابعته عن كثب لمختلف جهود العمل الإنمائي، وكذا حرصه اليوم على المشاركة في إطلاق استراتيجية التعاون الإنمائي بين جمهورية مصر العربية، ومجموعة البنك الدولي للفترة من 2023-2027، والتى تُعد أحدث أطر التعاون مع مجموعة البنك الدولي، وتتسم دائما بالشفافية، والفاعلية، والمسئولية المشتركة.
وثمن رئيس الوزراء، خلال كلمته، الدور المحوري الذي تقوم به مجموعة البنك الدولي، وكذا المؤسسات التمويلية الأخرى، لتحقيق التنمية المستدامة العادلة والشاملة، ودعم السياسات والبرامج الإصلاحية التي تتبناها الحكومة المصرية.
وأعرب رئيس الوزراء عن تطلعه لتطوير وتطبيق التعاون مع مجموعة البنك الدولي بالشكل الذي يتسق مع الاحتياجات الفعلية والمتطلبات الوطنية المصرية، لدعم الاقتصاد المصري نحو التحول الأخضر، والربط بين التنمية وعمل المناخ، عبر التنمية الصناعية والزراعية الشاملة، وتعزيز الاستثمار في رأس المال البشري، وتنمية الريف المصري، مشيراً إلى أن ذلك سيوفر بدوره أساساً قوياً لمزيد من الانخراط والاندماج لشركائنا من القطاع الخاص المصري والأجنبي في عملية التنمية التي تسهم في زيادة معدلات نمو الاقتصاد المصري.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: “لقد سعدت بتسليط الضوء على الدور الفعال الذي يقوم به البنك الدولي لدعم ما تبنته وتتبناه الدولة المصرية من سياسات وخطوات متعددة بغرض تعزيز وتمكين بيئة الأعمال.. وكما ينص الهدف الاستراتيجي الأول لإطار الشراكة بين مصر والبنك الدولي خلال الأعوام الخمسة القادمة، والمتعلق بزيادة فرص العمل في القطاع الخاص وتحسين نوعيتها، يعمل البنك بالتعاون مع الجهات الوطنية المعنية على تعبئة استثمارات القطاع الخاص، من خلال مجموعة متنوعة من الأدوات المالية المبتكرة، بما في ذلك توفير التمويلات الإنمائية الميسرة، والاستثمارات، والضمانات”.
ولفت رئيس الوزراء إلى دور البنك الدولي في تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص كوسيلة هامة لتعظيم الاستفادة من موارد القطاع الخاص وخبراته في تقديم الخدمات العامة وتطوير البنية الأساسية.
وأشار رئيس الوزراء إلى ما تعاني منه مصر ودول العالم أجمع من العديد من الأزمات المركبة والمتتالية عالميا وإقليميا، والتي انعكست وتضاعفت آثارها السلبية على وضع الاقتصاد الدولي، وأثرت بشدة على المحيط الإقليمي والمحلي، مما يطيل أمد الحصول على فترة التعافي من تلك الآثار، وخاصة في ظل الارتفاعات القياسية في أسعار الطاقة والغذاء على مستوى العالم.
وأوضح رئيس الوزراء خلال كلمته أن الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها الدولة المصرية منذ عام ٢٠١٦، بالإضافة إلى حجم الإنجاز المُحقق في تعظيم أصول الدولة وتطوير البنية التحتية قد ساهما بشكل ملحوظ في التعامل مع آثار تلك الأزمات العالمية ودعم جهود احتواء وتخفيف تبعاتها، مضيفاً أن إجراءات الحماية الاجتماعية المُتخذة ساهمت أيضاً في توفير غطاء آمن للفئات الأكثر تضررًا .
وقال رئيس الوزراء:”بتوجيهات وبدعم من جانب السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، نواجه تلك التحديات والأزمات – ولا نزال – بخُطى واثقة وبأهداف محددة”، مشيراً إلى أن الدولة المصرية طورت من خطتها الاقتصادية لتشمل اهتمامًا بالتحول الأخضر وتوطين الصناعة وتقليل الفجوة الاستيرادية، والتوسع في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، هذا بجانب التحول نحو تحفيز جاد للقطاع الخاص وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، مجدداً التأكيد على دعم هذا التوجه بقوة، من خلال الالتزام بتهيئة البيئة الاستثمارية المناسبة، والعمل على تذليل أى عقبات من الممكن أن تواجه أعمال مناخ ونشاط الأعمال في مصر.
واتصالًا بما سبق، أُوضح رئيس الوزراء أن مصر عملت بدأب خلال الأعوام الماضية على تأمين مصادر الطاقة اللازمة لبرنامجها التنموي الطموح، قائلاً: ” استطعنا وضع أقدامنا على الطريق السليم لتأمين مصادر مُتنوعة من الطاقة، من خلال مشروعات مُختلفة وعملاقة لإنشاء محطات الطاقة التقليدية أو المُتجددة أو النووية، كما أننا نوشك على الانتهاء من إعداد الاستراتيجية الوطنية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، تمهيدا لإعلانها قريبا”.
وأشار رئيس الوزراء إلى الدعم غير المسبوق أيضاً من جانب القيادة السياسية للمرأة المصرية، والذى انعكس فيما اتخذته وتتخذه الدولة المصرية من إجراءات، وبإدراك وإشادة من كافة المؤسسات الدولية تجاه ما اتخذته الدولة من خطوات تشريعية وإجرائية للحد من العنف ضد المرأة، والتمكين الاقتصادي لها وغيرها من إجراءات بما في ذلك التعديلات الدستورية لزيادة تمثيل المرأة في البرلمان وفي الحكومة، هذا بالإضافة إلى القرار التاريخي لرئيس الجمهورية بتعيين المرأة في النيابة العامة ومجلس الدولة، فضلا عن زيادة نسب التحاق الفتيات بالتعليم الجامعي وتنمية المرأة الريفية والحضرية على حدٍ سواء، وإزالة الضغوط المجتمعية عنها لتعزيز تمكينها في المجتمع، وزيادة مشاركتها في سوق العمل.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي حرص الحكومة المصرية على تعظيم الاستفادة من الشراكات الدولية المختلفة، وتحقيق التكامل بين التمويلات المُقدمة من شركاء التنمية وفقًا للميزة النسبية لكل شريك، وذلك بهدف تحقيق أكبر عائد ممكن لصالح المواطن المصري، وإتاحة الخدمات المميزة بالقطاعات المختلفة دون تمييز، مشيراً فى هذا الصدد إلى أهمية صياغة كافة الاستراتيجيات القُطرية بين جمهورية مصر العربية، وشركاء التنمية الثنائيين ومتعددي الأطراف، وفقًا لمنهج يتسم بالشمول، ويتضمن مشاركة كافة الأطراف ذات الصلة من الجهات الوطنية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، والأكاديميين والخبراء وأصحاب الفكر.
ولفت رئيس الوزراء إلى ما اتسمت به عملية صياغة الاستراتيجية القُطرية بين جمهورية مصر العربية، ومجموعة البنك الدولي للفترة من 2023-2027 من شفافية ومشاركة فعالة لمختلف الأطراف ذات الصلة، وهو ما نتج عنه بلورة إطار استراتيجي يتوافق بشكل مباشر مع الأولويات والأهداف الوطنية، وذلك وفقا لاستراتيجية التنمية المستدامة للحكومة المصرية (رؤية مصر 2030)، وبرامج عمل الحكومة، والبرنامج الوطني للإصلاح الهيكلي، بالإضافة إلى الاستراتيجيات القومية القطاعية.
وأوضح الدكتور مصطفى مدبولي أن الاستراتيجية القُطرية بين جمهورية مصر العربية، ومجموعة البنك الدولي للفترة من 2023-2027، تهدف إلى دعم مصر في بناء مسارات للقضاء على الفقر، وتعزيز الرخاء الشامل لمختلف فئات المجتمع، وتحسين المستوى المعيشي للفئات الأكثر احتياجاً، وتهيئة الظروف المواتية لتحقيق التنمية الخضراء الشاملة والقادرة على الصمود أمام الصدمات.
وأضاف رئيس الوزراء: لا شك أن الأزمة الاقتصادية الدولية التي نمر بها، تقوض من جهود التنمية في قارتنا الأفريقية، الأمر الذي يستلزم النظر في موارد تمويلية جديدة وغير تقليدية، كما يتطلب الأمر بذل الجهد مع شركاء التنمية، في حل أزمة الديون المتراكمة، بما يُمَكّـن القارة من استعادة وتيرة التعافي الاقتصادي.
وأعرب عن أمل الدولة المصرية في أن ترى تطورا ملحوظا في الدور التنموي الذي تقوم به مجموعة البنك الدولي على المستوى الإقليمي، متطلعاً إلى مشاركة الخبرات التنموية المصرية، والتجارب الرائدة لدعم جهود البنك وشركاء القارة للتنمية في أفريقيا، وذلك بما يتسق مع استراتيجيات التعاون الإنمائي بين مصر وشركاء التنمية، قائلاً:” ونحن على ثقة بأن مصر قادرة على أن تصبح مركزا لهذا التوسع، وتطوير برامج التكامل الإقليمي من خلال تعزيز الاستثمار في جميع أنحاء القارة”.
وسرد الدكتور مصطفى مدبولي، خلال كلمته، العديد من أوجه التعاون والمجالات المشتركة الهامة التي تأتي في إطار تعزيز التعاون الإقليمي، موضحاً أن من بين هذه المجالات، المنصة الوطنية لمحور الارتباط بين المياه والغذاء والطاقة ” نوفي ” لدعم مشروعات عمل المناخ، والتنمية الزراعية، والتنمية الصناعية، ومكافحة التصحر، وتعزيز التجارة الإقليمية، ومحاربة شبكات الهجرة غير الشرعية وشبكات الاتجار بالبشر.
وأعلن استعداد مصر التام لتوفير مختلف أوجه الدعم الفني والمؤسسي للدول الأفريقية الشقيقة في إطار التعاون مع مجموعة البنك الدولي وشركاء التنمية، وذلك بغرض تعظيم استفادة تلك الدول من إمكانات البنك والميزة النسبية لكافة المؤسسات التابعة له.
وقبل ختام كلمته، تطرق رئيس الوزراء إلى موضوع يشغل الساحة الدولية في الشهور القليلة الماضية، وهو مدى أهمية تطور وتأقلم مؤسسات التمويل الدولية وفقاً للتحديات والتغيرات الاقتصادية الراهنة، موضحاً أنه وبدون أدنى شك فإن الدول النامية والأقل نموا هي الأكثر تأثرا من تلك العواقب السلبية، حيث تواجه تلك الدول اليوم وخاصة متوسطة الدخل تحديات غير مسبوقة في إيجاد سبل تمويل عادلة للاستثمار في تنمية قدراتها البشرية وقطاعاتها الاقتصادية المختلفة، وهو ما يتطلب صياغة خارطة طريق تطورها مجموعة البنك الدولي بشكل عادل ومتوازن، من أجل معالجة حجم التحديات التنموية المتسارعة بشكل أفضل وأكثر تأثيرًا، واستكشاف سبل تمويل دولية مبتكرة تساهم في تخفيف الضغط على ميزانيات الدول النامية والأقل نمواً، ووضع تصور للنموذج التشغيلي الذي سيتم اتباعه في ظل محدودية الموارد مقارنة بحجم التحديات.
وأكد مدبولي دعم مصر لمختلف الجهود المبذولة لتطوير عمل مؤسسات التمويل الدولية، وذلك بما يسهم في تحقيق الأهداف الثلاثة، التي نصت عليها خطة شرم الشيخ للتنفيذ التي تم إطلاقها في نوفمبر الماضي، والخاصة بزيادة حجم التمويل المتاح للدول النامية، وتيسير النفاذ للتمويل، وتبني أدوات تمويل ميسرة، تتوافق وظروف الدول النامية، وذلك مع الحفاظ على الهدف الأساسي لتلك المؤسسات، المتمثل في القضاء على الفقر، وتحقيق التنمية المستدامة.
ووجه الدكتور مصطفى مدبولي، في ختام كلمته، التهنئة للرئيس القادم لمجموعة البنك الدولي السيد/ أجاى بانجا، على اختياره لهذا المنصب، كما توجه بالشكر لمجموعة البنك الدولي وللفريق القُطري للبنك في مصر، ولوزيرة التعاون الدولي محافظ مصر لدى البنك الدولي، وفريق وزارة التعاون الدولي المعني بهذا الملف، لما بذلوه من جهد خلال كافة مراحل الإعداد للاستراتيجية القٌطرية الجديدة بين مصر ومجموعة البنك الدولي للفترة من 2023-2027.
كما وجه رئيس الوزراء الشكر كذلك لمختلف الوزارات والجهات الوطنية المشاركة في إعداد الاستراتيجية القٌطرية الجديدة بين مصر ومجموعة البنك الدولي للفترة من 2023-2027، بالمشاورات، وكذا الأطراف ذات الصلة، من القطاع الخاص والمجتمع المدني، الذين كان لهم أيضا دور محوري في بلورة الاستراتيجية، مشيراً إلى أنه بفضل تلك المشاركة الفعالة، فإنه لا يوجد شك في أن إطار الشراكة بين جمهورية مصر العربية ومجموعة البنك الدولي أثناء الفترة من2023 – 2027 يتوافق بشكل مباشر ومتكامل مع الأولويات الوطنية، ويأتي في سياق طُموح الدولة المصرية في تعظيم الرؤية والأولويات الوطنية، للاستفادة من تلك الاستراتيجيات الإنمائية، وتعميق المسئولية المشتركة بين كافة أصحاب المصلحة المعنيين لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة.